الخميس، 28 أكتوبر 2010

" عدالة الانتقام"




" مجموعة أهم الأحداث" : أصدرت قبل يومين بما يعرف بمحكمة الجنايات للعراق الجديد  ، الذي رسم خريطته غزو واحتلال  عام 2003 ، حكما بالإعدام شنقا حتى الموت على كوكبة أخرى من مسؤولين دولة العراق ما قبل الاحتلال ، على رأسهم الدبلوماسي  ،وزير خارجية و نائب رئيس وزراء طارق عزيز .
هؤلاء المسؤولين كانوا محتجزين لدى قوات الاحتلال الأمريكية وتم تسليمهم لخصومهم ليفعلوا بهم ما يشاءون ، تماما كما حصل للسابقين و على رأسهم  الرئيس صدام حسين الذي  تم تنفيذ فيه حكم الإعدام شنقا في صبيحة يوم من أيام عيد الأضحى المبارك.
ونحن على أبواب عيد أضحى جديد يبدو هؤلاء سيمرون على حبل المشنقة في نفس ظروف إعدام صدام حسين، أي صبيحة يوم العيد المقبل . وبذالك سينال هذا النظام الحاكم في بغداد لقب تاريخي ألا وهو "نحر العباد بدل الأنعام".
تهمة طارق عزيز ورفاقه "تصفية أحزاب دينية " يعني به حزب الدعوة الذي تأمر على امن العراق إيرانيا و أمريكيا ، وبفضل الاحتلال الأمريكي تمكن هذا الحزب من الوصول إلى سدة الحكم وتجسيد ،بأبشع صورها، "عدالة الانتقام" .
هؤلاء  اشتكوا طويلاً وبكوا كثيرا من ظلم و "حقرة" نظام صدام حسين وغياب العدالة وكثرة المقابر الجماعية ... لقد قدموا البديل في أبشع صوره من حب الانتقام وسفك الدماء وشنق الخصوم ليلا و نهارا في الأعياد و غير الأعياد .  ميزتهم الوحيدة ليس لهم مقابر جماعية  لأن ببساطة لا يدفنون جثث  خصومهم  بل يرمونها  في "المزابل" و مجاري المياه لتتحلل في الطبيعة ...ووثائق موقع " ويكيليكس" تبين ، ربما الجزء البسيط  ،   بما قام به هؤلاء  "المحررون"  الزاحفون من  وراء ظهور دبابات الاحتلال .
رغم أن الانتقام و عدم العفو عند المقدرة لا يبني مجتمعات و لا دول . ولنا في التاريخ عبر مضيئة عن ذالك وفي المقدمة عبرة رسولنا الكريم محمد –صلى الله عليه و سلم-  وهو في أوهج قوته عفا عن خصومه و أعدائه عند فتحه مكة المكرمة ، وكان باستطاعته أن يفعل بهم ما يشاء... لأنه كان مدرك أن الانتقام لا يبني أبدا دولة وصلت أطرافها مشارق الأرض و مغاربها...
ولنا في التاريخ القريب عبرة أخرى نحتها   الزعيم الإفريقي الكبير "نيلسون مانديلا" ، الذي أمضى في ظلمات وعذابات سجون التمييز العنصري عشرات السنين  ومع ذالك طوي تلك الصفحة لبناء دولة القانون والتسامح  ورضي أن يكون  سجناه بالأمس نائبا له يشاركه في الحكم وبناء دولة المؤسسات  . لأن الزعيم مانديلا  ،بعقله الواسع ، كان يدرك أن الانتقام وسفك دماء الخصوم لا يبني مستقبل أمة  ...
لقد برهن هؤلاء أصحاب "العمائم السوداء"  الذين يدعون ظلما  و بهتانا بانتمائهم لهذا الدين الحنيف الذي جسد شعاره  رسولنا الكريم قائد هذه الأمة في واقعة فتح مكة  ليبقى التسامح و العفو عند المقدرة شعار ابدي يضيء طريق الإنسانية.
أكثر من ذالك ، هؤلاء أصحاب العمائم و القلوب السوداء تطاولوا على  قوانين وإرادات إلهية ونحروا العباد بدل الأنعام في أعز الأيام  ،  يوم وقوف عرفة المبارك ، تعطشا للدماء  و حب الانتقام وهي من شيم الضعفاء و ليس الأقوياء...

ليست هناك تعليقات:

آخر المقالات