السبت، 8 سبتمبر 2018

العراق ، من الصدمة إلى الصحوة...

  
ما يجري في العراق و بالتحديد في عاصمة  جنوب البلاد ، يؤشر بما لا فيه الشك أن الشعب العراقي بدأ يصحو من الهول صدمة القرن التي تلقاها بعملية غزوه و احتلاله من طرف إمبراطورية العصر بتحريض و مساعدة من ذوي الدم و القربى...
ولكل واحد أسبابه الخاصة . هناك حبا في الانتقام وهناك رضوخا أو طمعا هناك من ينطبق عليه قصة الثورين ، الأبيض و الأسود...
والانتفاضة الشعبية التي بدأت من البصرة لتمتد إلى كامل الجنوب العراقي ضد الفساد وانعدام الخدمات و انتشار البطالة و ظلامية الأفق ، يبدو أنها صحوة حقيقة للشعب العراقي وأنها خطوة مهمة لتصحيح وتقويم وضع شاذ الناتجة عن تلك  الوعود المعطاة له ...
من طرف  الذين دخلوا العراق من وراء دبابات الاحتلال . الذين أوهموا الناس  بأن بإزالة نظام صدام حسين سيزول عنهم الظلم و سيعم الرخاء العام  بتوزيع عادل للثروات البلد وتعم الديمقراطية المطلقة بالتداول السلمي للسلطة...
لكن الذي حصل هو العكس تماما ، لا رخاء عم و لا  الديمقراطية عمت  و لا آمان انتشر و لا تتداول سلمي للحكم ، الكل في المنطقة الخضراء يتخاصمون و يتشاجرون على غنيمة المناصب و منافعها المادية...
بينما الوضع الاقتصادي و الاجتماعي من سيء إلى أسوأ ،  لم يعرفه الشعب العراقي في أعز الحصار الجائر الذي كان مفروض عليه قبل عملية الغزو و الاحتلال...
الملفت للانتباه لهذه الاحتجاجات الشعبية أنها منزوعة الصبغة الطائفية و السياسية التي دائما يُضرب على أوتارها   هؤلاء الذين قسموا الشعب العراقي الواحد  إلى شيع و طوائف ...
الملفت للانتباه أيضا ،  من أهداف هذه الاحتجاجات مهاجمة  مقار تلك الأحزاب الطائفية الدليل  على  ذلك واضح لا لبس عليه بأن  الفرد العراقي لا يؤمن بالطائفية وبمن يتغنون بها  وأن هؤلاء لا يمثلونه...
 وهذه صفعة لهؤلاء أصحاب العمائم السوداء الذين يتحملون المسؤولية التاريخية و الأخلاقية على ضياع وطن و تاريخ و مستقبل أمة...
ويتحملون مسؤولية عن كل قطرة دم سالت بسبب الغزو الظالم و شرف كل امرأة عراقية  أنتهك عرضها و كل عائلة شُردت وضاعت أحلامها بين الأنقاض و الانتقام المزكي من  هؤلاء الذين لا يفرقون  بين التحرير و الاحتلال...
الملفت للانتباه أيضا على هذه الاحتجاجات الشعبية حرق رمز الوجود الإيراني في جنوب العراق ، المتمثل في قنصلية هذا البلد...
 وهي رسالة واضحة أن الفرد العراقي يرفض محاولات  هيمنة الجارة الشرقية وتدخلها السافر في أموره الخاصة و المتحكمة ماديا و معنويا في تلك الأحزاب المتنفذة التي تُهيمن على المشهد العراقي...
و كان من  الأجدر على إيران ، التي استدعت السفير العراقي لديها للاحتجاج على عملية حرق قنصليتها في البصرة ، أن تستدعي ذلك "الجنرال" ، سفيرها العابر للحدود صاحب المهمات الخاصة في زعزعة أمن و استقرار دول أخرى.
و تترك العراق و شأنه لكي يستطيع لململة جراحه و إعادة بناء دولته المنهارة . وتهتم هي (إيران) ، بمشاكل التي تواجهها و تعلم أن الأزمات أيام متداولة بين الأمم و أن ما حصل للعراق ليس استثناء وأنه قابل للاستنساخ وأن تشرب إيران ، أو غير إيران ، من نفس الكأس الذي شرب منه العراق ...
بالمختصر المفيد، يُمكن اعتبار ما يجري في جنوب العراق صحوة و ومضة ضوء بأن هذا البلد العربي العريق تعثر و لم يسقط وهي صفات لكل ما هو أصيل...





بلقسام حمدان العربي الإدريسي
08.09.2018


آخر المقالات