الأربعاء، 27 يناير 2010

" من كان أوله دم آخره دماء " !



زعيم العصر ، نيلسون مانديلا ، كان يدرك بعقله الكبير
 أن الانتقام لا يبني مستقبل أمة





العراق ، ينطبق عليه تماما قصة من أعماق تاريخ تداولت من جيل إلى جيل ،لا يعرف بالضبط إن كانت قصة حقيقة أم مثال ،  لكنها  في كلتا الحالتين قصة تعبر عن واقع حال خلاصتها "كما تدين تدان...".
القصة ، شيخا وصل به العمر إلى حد أصبح لا يستطيع التحرك بالإضافة إلى فقدانه  البصر ، فأراد  ابنه التخلص منه  ،بتحريض من زوجته  ، مدعيا  أنه سيحمله في نزهة و رماه  من أعلى  إحدى الجبال  ...
وبقى ذالك سيناريو يتداول من جيل إلى جيل ، كلما كبر الأب وفقد البصر حمله الابن  لتخلص منه  في نفس المكان وبنفس الأسلوب . إلا أن  في إحدى المرات عندما أراد أحد الأبناء  التخلص من أبيه  بنفس السيناريو ، مدعيا أنه سيحمله في نزهة ،فقال له الشيخ" نفس نزهة أجدادك"  ، وهنا توقف الابن وعندما عرف القصة ، وكان الابن على مستوى معين  من العلم والثقافة  ، رده إلى البيت مخيرا زوجته بين والده و الطلاق.  وبالفعل مات ذالك الشيخ في رعاية  ولده ودفن ودفنت معه تلك العادة السيئة .
مسؤولون  العراق الحاليون  الذين يرقصون على جثث خصومهم بعد شنقهم صباح الأعياد و غير الأعياد وتشويه جثث الأموات  وتصويرها  والتشفي بها ، بدون أدنى شك سيلقون نفس المصير ، على منوال تلك  القصة ...
كان من الممكن فتح صفحة جديدة ودفن ذالك الحب في الانتقام كما دفنت تلك العادة السيئة مع ذالك الشيخ ، أو كما حصل في جنوب إفريقيا من طي تلك الصفحة السوداء ، رغم أن لا يمكن المقارنة بين نظام "الأرباتيد" البغيض ونظام صدام حسين.
لأننا لم نسمع أن صدام حسين خصص شارع لطائفة لا تمر منه  طائفة أخرى ، أو حافلة ركاب ينهض الشخص عندما يصعد شخص من طائفة معينة. بل كنا نسمع أن العراقيين بجميع طوائفهم ينامون وأبواب بيوتهم مفتوحة لا يجرئ أحد  الاقتراب منها . ولا أحد كان يجرئ المجاهرة بطائفته...
الزعيم مانديلا  الذي قضى وراء القضبان التمييز العنصري أكثر مما قضه حرا طليقا ، رغم ذالك وبعقله الكبير كان يدرك أن الدولة لا تبنى على الانتقام و الدماء ومن كان أوله دما   فاخره أنهار من  الدماء و الدموع ، لذالك رضي أن يكون سجانه بالأمس نائبه و شريكه في الحكم ...
ومن قبل كان في نبينا وحبيبنا رسول الله محمد،  صلى الله وعليه و سلم، عند فتحه مكة المكرمة والصفح عن الذين كانوا ألد الخصوم  يريدون به شرا ،  درسا وقدوة و  أحسن مثال على أن الأحقاد و حب الانتقام لا تبنى  عليها   مستقبل الشعوب و الأمم ...  


حمدان العربي
27.01.2010     

ليست هناك تعليقات:

آخر المقالات