زعيم العصر ، نيلسون مانديلا ، كان يدرك بعقله الكبير
أن الانتقام لا يبني مستقبل أمة
العراق ، ينطبق عليه تماما قصة من أعماق تاريخ تداولت من جيل إلى جيل ،لا يعرف بالضبط إن كانت قصة حقيقة أم مثال ، لكنها في كلتا الحالتين قصة تعبر عن واقع حال خلاصتها "كما تدين تدان...".
القصة ، شيخا وصل به العمر إلى حد أصبح لا يستطيع التحرك بالإضافة إلى فقدانه البصر ، فأراد ابنه التخلص منه ،بتحريض من زوجته ، مدعيا أنه سيحمله في نزهة و رماه من أعلى إحدى الجبال ...
وبقى ذالك سيناريو يتداول من جيل إلى جيل ، كلما كبر الأب وفقد البصر حمله الابن لتخلص منه في نفس المكان وبنفس الأسلوب . إلا أن في إحدى المرات عندما أراد أحد الأبناء التخلص من أبيه بنفس السيناريو ، مدعيا أنه سيحمله في نزهة ،فقال له الشيخ" نفس نزهة أجدادك" ، وهنا توقف الابن وعندما عرف القصة ، وكان الابن على مستوى معين من العلم والثقافة ، رده إلى البيت مخيرا زوجته بين والده و الطلاق. وبالفعل مات ذالك الشيخ في رعاية ولده ودفن ودفنت معه تلك العادة السيئة .
مسؤولون العراق الحاليون الذين يرقصون على جثث خصومهم بعد شنقهم صباح الأعياد و غير الأعياد وتشويه جثث الأموات وتصويرها والتشفي بها ، بدون أدنى شك سيلقون نفس المصير ، على منوال تلك القصة ...
كان من الممكن فتح صفحة جديدة ودفن ذالك الحب في الانتقام كما دفنت تلك العادة السيئة مع ذالك الشيخ ، أو كما حصل في جنوب إفريقيا من طي تلك الصفحة السوداء ، رغم أن لا يمكن المقارنة بين نظام "الأرباتيد" البغيض ونظام صدام حسين.
لأننا لم نسمع أن صدام حسين خصص شارع لطائفة لا تمر منه طائفة أخرى ، أو حافلة ركاب ينهض الشخص عندما يصعد شخص من طائفة معينة. بل كنا نسمع أن العراقيين بجميع طوائفهم ينامون وأبواب بيوتهم مفتوحة لا يجرئ أحد الاقتراب منها . ولا أحد كان يجرئ المجاهرة بطائفته...
الزعيم مانديلا الذي قضى وراء القضبان التمييز العنصري أكثر مما قضه حرا طليقا ، رغم ذالك وبعقله الكبير كان يدرك أن الدولة لا تبنى على الانتقام و الدماء ومن كان أوله دما فاخره أنهار من الدماء و الدموع ، لذالك رضي أن يكون سجانه بالأمس نائبه و شريكه في الحكم ...
ومن قبل كان في نبينا وحبيبنا رسول الله محمد، صلى الله وعليه و سلم، عند فتحه مكة المكرمة والصفح عن الذين كانوا ألد الخصوم يريدون به شرا ، درسا وقدوة و أحسن مثال على أن الأحقاد و حب الانتقام لا تبنى عليها مستقبل الشعوب و الأمم ...
حمدان العربي
27.01.2010
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق