الأحد، 16 أكتوبر 2016

من قال عن الحجاج "سفاح" وصدام "طاغية " ؟





يُقال عن أبو محمد  الحجاج بن يوسف الثقفي ، القائد الأموي الحازم و الصارم و الخطيب ،  بأنه سفاك للدماء يوزع ظلمه بالمجان واسمه أصبح مقترن بالظلم و بالدماء التي تسيل من الرؤوس بعد قطعها عن أجسادها..
هذا الرجل الذي صعد قمة الشهرة من العدم واجبر الكتاب و المؤرخين على اهتمام بمسيرته ، اصطفى من خلالها جنبا إلى جنب مع عظماء و كبار العصور ...
لكن الكثير من المؤرخين ، لكل واحد سببه ومآربه وغايته  ، تجاهلوا الجانب المشرق لصفات هذا الرجل الدولة التاريخي وركزوا فقط على الجوانب المظلمة في مسيرة الرجل والتي كانت  تتطلب الحزم والصرامة بدونهما لا يمكن أن تستمر وجود الدولة نفسها  ...
وإذا أخذنا قاعدة "إذا جاءتك مذمة من حاقد ،فهي الشهادة بالكامل" ، علينا معرفة من هم وراء هذه الحملة التشهيرية التاريخية ضد الرجل ...
فهو  رجل اشتهر بولائه للدولة الأموية ونصب العداء الذين نصبوا أنفسهم وكلاء وأوصياء على أهل البيت وأتهم بقتل الكثير منهم . وسردوا قصص حتى عن سبب وفاته لا يصدقها عقل بشري ناضج...
لنفترض أن هذه الادعاءات عن الرجل صحيحة وأنه كان يزجر الرؤوس بلا هوادة و بلا شفقة ، فننظر لمن كانت  تلك "الرؤوس" .  بدون أدنى شك تلك "رؤوس متزلفة" و كان لا بد من قطفها عن أجسادها...
 ولنا خير دليل ما هو جاري في العراق الذي كان هذا الرجل يوما حاكمه ، كيف عاثت تلك "الرؤوس" ، التي نجت من سيف الحجاج فسادا ،  في العباد و البلاد. هل كانت ستجرأ هذه "الرؤوس" فعل ما تفعله الآن لو كان سيف الحجاج أو قبضة صدام حسين ما زالا  موجودان ...
قلت صدام حسين ، إذا كان للحجاج سيفا فلهذا الرجل (صدام حسين) قبضة أشد حدة اثبت الواقع أنه  كان    في مسيرة وجود الدولة العراقية وبفقدانها تاهت العربة كالتي تفقد فراملها وتهوى في هاوية جبلية لا قاع لها...
صدام حسين ، هذا الرجل العصامي  الذي صعد القمة ، هو أيضا مثله مثل الحجاج ، بالمجهود الفردي وليس من خلاله شرف أو سند جاءه بالوراثة...  
تعرض هو أيضا إلى حملة تاريخية من صنف الذين شوهوا الحجاج وبنفس الأوصاف حتى لتخيل للناس أنهما لم يكونا من الصنف البشري ...
والقاعدة تقول الحقائق تأتي بخواتمها، فلننظر ما حل بالعراق بدون "السفاح" و "الطاغية" . فإذا كان في عهديهما (السفاح و الطاغية) ، الرؤوس تقطع فرادا،  أصبحت بغيابهما  تباد  الأجساد بالكامل ترمى في قنوات الصرف الصحي بلا رؤوس ، هذا كانت تلك الأجساد محظوظة ولم يتم حرقها ولم يبقى لها اثرا...
تلك "الرؤوس" التي كانت بالأمس في حضور " السفاح و الطاغية" خانعة لا تجرؤ على همس بالكلام ،  زال عنها الخوف وتمردت على القيم وانفجرت لديها  مخازن الحقد التي كان سيف الحجاج وقبضة صدام كاتمان  على أنفاسها ...
وأصبح لكل "رأس متزلف"  سيفا يعمل به ما يشاء و لسان انفكت عقدته  و بدأ ينبش به الماضي و يحي به الفتن. في عهد "الطاغية" لا أحد كان يكشف عن طائفته و الناس تنام فوق سطوح منازلها و أبواب بيوتها مفتوحة على مصراعيها حتى " الكلاب الضالة" تخشى الاقتراب من بيوت أبوابها مفتوحة...
وبغياب "السيف" و "القبضة" هدمت البيوت بأبوابها على رؤوس ساكنيها والمحظوظ هو من تمكن الهرب إلى خارج الحدود حتى لو كان الموت  غرقا  في مياه البحار أحسن من الموت بنيران "رؤوس" زال عنها الخوف في غياب "سيف الحجاج "و"قبضة الطاغية"...







بلقسام حمدان العربي الإدريسي
16.10.2016   

ليست هناك تعليقات:

آخر المقالات