"مجموعة أهم الأحداث" : من خلال تتبعي المكثف للوضع
العراقي وتطورات التسلسلية للأحداث الجارية فيه منذ عملية غزوه وتدميره المنهجي من
طرف الغزاة إلى يوم انسحابهم بعد أن حاولوا
إيقاظ فيه النعرة الطائفية والتي أصبحت
عبارة عن قنابل انشطارية موقوتة متحكم فيها
عن بعد...
بهدف واضح هو عدم تركه
يستقر سياسيا و اجتماعيا بهذه الفتنة التي كانت نائمة في نفسية الشعب
العراقي، أو على الأقل كان لا يعطي لها بالا...
و من خلال هذا التتبع توصلت إلى قناعة أن العراق لا يعاني من الطائفية بقدر ما يعاني من
أساليب سياسية يراد إعطاء لها لباس ديني- طائفي من طرف أشخاص جاءوا من وراء الحدود أغلبيتهم لا علاقة لهم لا بالدين و لا بالطائفة، استعانوا
بالمحتل للدخول العراق واستعان بهم المحتل
عند انسحابه لكي لا يستقر الوضع في غيابه.
هؤلاء الطائفيون بدون
طائفة ، أغلبيتهم بخلفيات علمانية انخرطوا في اللعبة الطائفية للحصول على مكاسب
سياسية والتخفي وراء ثياب دينية بصبغة طائفية تحت مختلف التسميات من "بيت
شيعي"، إلى غير ذلك من التسميات التي تفوح منها رائحة الطائفية المقيتة...
وكل الدلائل تشير أن
هؤلاء "الوافدون الجدد " أقلية مقارنة بالخط الذي يمثله الخط الشيعي
الوطني الذي يؤمن بأن الشيعة هم جزء من الوطن يتقاسمه مع إخوانهم و أهلهم أهل
السنة و الطوائف الأخرى من مختلف الديانات...
لكن بأن هؤلاء
الوافدون المؤمنون بالتفرقة على أسس
طائفية صوتهم أعلى من صوت الوحدويون من أهل البلد ، ليس بسبب أكثريتهم أو أغلبيتهم لكن بسبب السلطة والوسائل
الموجودة في أيديهم نتيجة للوضع الذي رسمه
و تركه المحتل لصالحهم قبل انسحابه .
هؤلاء الطائفيون بتلك
الامتيازات المكتسبة لا يريدون خسرانها
بأي شكل من الأشكال وكلما حسوا أن تلك
المكتسبات التي اكتسبوها مهددة من أي طرف كان يلجأون إلى تلك القنابل الموقوتة و
يبدءون في تفجيرها عن بعد ...
تفجيرات هنا وهناك في أماكن عامة وتصويرها بأنها أعمال طائفية تقوم
بها طائفة ضد أخرى ، بهدف إلحاق
أكبر آذى ممكن بعامة الناس لا هدف
آخر إلى إشاعة الخوف و الموت ومحاولة اتساع أكثر رقعة "الكراهية
الطائفية" في نفوس المواطنين ويصبح
كل واحد ينظر للآخر بالنظرة "الانتقامية الطائفية"...
رغم انه لا يمكن تخيل
إنسان مهما كانت طائفته يقدم على إيذاء شخص آخر قد يكون جاره تربطهما مصاهرة وصلت
إلى درجة الانصهار،أفرادها تحولت بالنسبة لبعضهم البعض إخوة و أعمام و غير ذلك ....
واحدا يسكن في البصرة أو العمارة و الآخر يسكن في
الرمادي أو الموصل... وكيف يعقل الفرد يقتل جده أو عمه أو خاله ...على أساس اختلاف
طائفي . قد لا يفعلها حتى من به شذوذ عقلي
.
و التصريح
الأخير للزعيم الشيعي مقتدى الصدر ، ومن قبله أئمة وزعماء دينيين الذين يمثلون
الخط الشيعي العربي الذي يتبناه أغلبية أهل الشيعة في العراق ، تصريح يعطي
نظرة واضحة أن في العراق لا وجود لمشكلة الطائفية بقدر وجود مشكل الطائفيين الذين
يحاولون بشتى الوسائل إيقاظها (الطائفية) في نفوس وتسويقه من أن العراق يعاني منها.
تصريح مقتدى الصدر
الذي قال فيه بصراحة محددا الجهات التي تمثل هؤلاء "الطائفيون الجدد"
...
والذي قال فيه أن تلك
الجهات تسعى بكل جهد إلى تجيش أهل الجنوب لمحاربة إخوانهم في الغرب و الشمال تحت
حجج تخبئ من ورائها "روائح طائفية نتنة" . تماما
كما كان يفعل في الماضي من تجيش أهل الغرب و الشمال ضد إخوانهم أهل الجنوب... والرجل
ذهب إلى ابعد من ذلك، عندما قال " بصفتي شيعي ، أعتذر لإخواني أهل السنة من
الاضطهاد الواقع عليهم من حكومة تدعي أنها شيعية"...
والرجل بوزن مقتدى
الصدر الذي يمثل تيارا من أقوى التيارات الشعبية الشيعية في العراق ، هذا إذا لم
نقول أنه الأقوى، عندما يتكلم كلاما كهذا لا يترك مجالا حتى في حدوده الضيقة بأن المشكل في العراق يكمن في الطائفيين الذين
يستخدمون الطائفية غطاءا لأهدافهم السياسية.
رغم ليس مقتدى الصدر
وحده من يتكلم بهذه اللغة
، هناك الكثير من المفكرين و أهل العلم وأعضاء قي البرلمان العراقي من أهل الشيعة كلامهم أكثر وضوح يدحض بشكل كلي مزاعم هؤلاء "الطائفيون الجدد" .
وآخر كلام من هذا النوع سمعته من سيدة دكتورة ،عضوة في البرلمان العراقي من التيار
الصدري ، شاركت ضمن اللجنة البرلمانية
التي حققت في مجزرة الحويجة ...
هذه السيدة كانت
تتكلم بصفتها عراقية بكلام خال من كل الشوائب والتلميحات الطائفية التي كانت تصدر
من أعضاء آخرين ينتمون لتيار الذي ذكرناه سلفا. ومن بين هؤلاء من رفض حتى المشاركة في اللجنة
بأعذار أقبح من الامتناع نفسه ...
هذه النائبة أوضحت
الكثير من الأمور يجهلها الكثير من الناس ، من بين هذه الأمور أن القوات المسماة
اختصارا "سوات" ، التي كان لها دورا رئيسيا في مجزرة الحويجة ، لا يعرف أحدا عنها شيئا حتى البرلمانيون
أنفسهم بصفتهم ممثلين للشعب العراقي ، كما تقول الدكتورة المذكورة ، .
قوات المعروف عنها أنها تشكيليات شكلها ودربها المحتل مقرها مطار بغداد .والتفاصيل
عنها تبقى مظلمة وسوداء لون
لباسها...
وقد تناقلت التقارير منها المصورة كيف كانت تتعامل تلك القوات و بتلك القسوة مع المحتجين في الساحة الحويجة ، عكس قوات الجيش العراقي التي كانت تبدو على أفراده آثار التأثر مما كان يحصل في تلك الساحة ...
حمدان العربي الإدريسي
03 .05.2013
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق